دور المواصفات القياسية في خدمات السياحة

تعد صناعة السياحة من أهم القطاعات الاقتصادية في العالم، إذ تلعب دوراً محورياً في تنمية الاقتصاد وخلق فرص عمل وزيادة الدخل القومي. لضمان جودة الخدمات السياحية المقدمة للسياح ورفع مستوى رضاهم، يأتي دور “المواصفات القياسية” كأداة حيوية تساعد في تحديد المعايير والجودة المطلوبة، مما يسهم في تحسين التجربة السياحية. وفي هذا السياق، برزت المملكة العربية السعودية كأحد الدول الرائدة في تعزيز جودة خدمات السياحة، وذلك من خلال وضع وتبني مواصفات قياسية تهدف إلى تحقيق أهداف “رؤية المملكة 2030” في تنويع الاقتصاد وزيادة الاستثمارات السياحية.

 

أهمية المواصفات القياسية في خدمات السياحة

تلعب المواصفات القياسية دوراً كبيراً في تعزيز جودة الخدمات السياحية من خلال وضع معايير موحدة تسهم في تحسين مستوى الخدمة، وتوفير بيئة آمنة ومريحة للسياح. ومن أهم الأدوار التي تلعبها المواصفات القياسية في قطاع السياحة:

 

1- رفع جودة الخدمات: تساعد المواصفات القياسية في ضمان جودة المرافق والخدمات السياحية مثل الفنادق والمطاعم والأنشطة السياحية، حيث يتم وضع معايير دقيقة تشمل النظافة والأمان والخدمات المقدمة.

2- تحسين تجربة السائح: تضمن المواصفات القياسية تقديم خدمات متكاملة تعزز من رضا السائحين وتضمن تقديم تجربة مريحة وسلسة، مما يرفع مستوى التقييمات ويزيد من سمعة الوجهة السياحية.

3- الأمان والسلامة: تساعد المعايير على تحقيق أعلى مستويات الأمان في المنشآت السياحية ووسائل النقل، مما يقلل من المخاطر ويعزز الثقة لدى الزوار.

4- تعزيز الاستدامة البيئية: يتم وضع معايير بيئية ضمن المواصفات القياسية لتعزيز السياحة المستدامة، مثل إدارة النفايات، واستخدام الطاقة المتجددة، وتقليل الأثر البيئي، مما يسهم في حماية الموارد الطبيعية.

5- تعزيز المنافسة الاقتصادية: تسهم المواصفات في تحسين تنافسية المنشآت السياحية المحلية، حيث تضع هذه المنشآت معايير عالية لتقديم أفضل خدمة ممكنة، مما يجذب المزيد من السياح ويدعم الاقتصاد المحلي.

دور المملكة العربية السعودية في تعزيز المواصفات القياسية السياحية

في إطار رؤية 2030، وضعت المملكة العربية السعودية خططاً طموحة لتحويل السياحة إلى أحد الأعمدة الاقتصادية الرئيسية، وأولت اهتماماً كبيراً لتطوير المواصفات القياسية في هذا المجال. ومن أبرز جهود المملكة في تعزيز هذه المواصفات:

 

1- تطوير معايير وطنية للسياحة: قامت الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة بتشكيل فريق فني يعمل على وضع معايير وطنية متقدمة تشمل جميع جوانب الخدمات السياحية، وذلك بالتعاون مع وزارة السياحة والجهات ذات العلاقة، لضمان تقديم خدمات عالية الجودة تتوافق مع أفضل الممارسات العالمية.

2- تشجيع السياحة المستدامة: تركز المملكة على وضع معايير تهدف إلى حماية البيئة وتعزيز الاستدامة، حيث تسعى لتحقيق توازن بين تنمية القطاع السياحي والحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية، مما يساهم في استدامة الموارد للأجيال القادمة.

3- التعاون مع المنظمات الدولية: تعمل المملكة على التعاون مع المنظمات العالمية لوضع معايير تتوافق مع المعايير الدولية مثل ISO، مما يعزز مكانة المملكة كوجهة سياحية عالمية.

4- تحسين تجربة الحاج والمعتمر: في سياق السياحة الدينية، تقوم المملكة بتطوير معايير خاصة بخدمة الحجاج والمعتمرين، بهدف توفير تجربة مميزة وآمنة ورفع مستوى رضا الزوار.

5- تطوير بنية تحتية سياحية بمعايير عالية: ركزت المملكة على الاستثمار في البنية التحتية مثل الفنادق والمطارات والطرق، مع الالتزام بالمواصفات القياسية لضمان تقديم خدمات بمستوى عالمي.

 

توجد العديد من المواصفات القياسية الدولية التي تهدف إلى توحيد وتنظيم خدمات السياحة، وقد طورت بعض هذه المعايير من قبل المنظمة الدولية للتقييس (ISO)، وأشهرها مجموعة ISO 18513 المخصصة لتحديد متطلبات قطاع السياحة والخدمات المرتبطة به.

بعض المواصفات القياسية الدولية لخدمات السياحة تشمل:

  1. ISO 18513 – المعيار الدولي لإدارة جودة الخدمات السياحية.
  2. ISO 21101 – السياحة المغامرات – أنظمة إدارة السلامة.
  3. ISO 24801 – متطلبات مراكز الغوص.
  4. ISO 17679 – متطلبات الخدمة لمرافق الاستجمام (مثل المنتجعات الصحية).
  5. ISO 20488 – السياحة المستدامة – مبادئ وإرشادات.
  6. ISO 21401 – نظم الإدارة المستدامة للفنادق.

هل هناك خدمات سياحية لا توجد لها معايير؟

على الرغم من وجود معايير للعديد من الخدمات السياحية، إلا أن هناك بعض الخدمات الناشئة أو المتخصصة التي قد لا توجد لها معايير بعد، مثل السياحة البيئية المتخصصة، وسياحة التجارب، والخدمات الرقمية المرتبطة بالسياحة. هذه الخدمات غالبًا ما تتطلب معايير جديدة نتيجة للتطورات السريعة في هذا المجال، وتقوم منظمات التقييس الدولية والمحلية بتطوير مواصفات جديدة بناءً على المتغيرات في السوق والاحتياجات.

سياحة التجارب هي نوع من السياحة يركز على تقديم تجارب فريدة وشخصية للسياح، بحيث تتيح لهم التفاعل العميق مع الثقافة المحلية، والمجتمع، والطبيعة، والعادات والتقاليد. يختلف هذا النوع من السياحة عن السياحة التقليدية التي تقتصر على زيارة المعالم السياحية الشهيرة أو الترفيه، فهو يهدف إلى تحقيق اندماج أكبر بين السائح والوجهة التي يزورها.

أمثلة على سياحة التجارب:

  1. التجارب الثقافية: مثل تعلم الطهي المحلي، أو المشاركة في الاحتفالات والفعاليات التقليدية.
  2. التجارب الطبيعية: مثل استكشاف الطبيعة برفقة مرشدين محليين، أو المشاركة في جولات بيئية للتعرف على الحياة البرية والنباتات النادرة.
  3. الأنشطة الحرفية والفنية: كتعلم الحرف اليدوية التقليدية، مثل النسيج أو الفخار، أو الانخراط في ورش عمل فنية.
  4. التجارب المجتمعية: مثل الإقامة مع عائلات محلية، والتفاعل مع أفراد المجتمع للتعرف على نمط حياتهم وقصصهم.

يبحث السياح عن هذا النوع من السياحة للحصول على تجارب تتسم بالأصالة وتكون متجذرة في الثقافة والتراث المحلي، مما يجعل رحلتهم غنية بالمعرفة وذات طابع شخصي أكثر.

 

هل يوجد هناك مواصفات للسياحة الرياضية؟

نعم، يوجد عدد من المواصفات القياسية التي تهتم بتنظيم “الرياضة السياحية”، وتحديد معايير السلامة والجودة لهذا النوع من الأنشطة. الرياضة السياحية تجمع بين الأنشطة الرياضية والسفر، وتشمل مثلًا الغوص، والتزلج، وتسلق الجبال، وركوب الدراجات، وغيرها. تأتي بعض هذه المواصفات الدولية تحت إشراف المنظمة الدولية للتقييس (ISO) وتهدف إلى ضمان سلامة المشاركين وتحسين جودة الخدمة المقدمة.

بعض المواصفات القياسية الدولية الخاصة بالرياضة السياحية:

  1. ISO 21101 – أنظمة إدارة السلامة في سياحة المغامرات: تركز على إدارة السلامة في الأنشطة السياحية التي تتضمن المغامرة.
  2. ISO 21102 – إرشادات الكفاءة للمختصين في سياحة المغامرات: تضع معايير لكفاءة المدربين والمشرفين على الأنشطة الرياضية السياحية.
  3. ISO 21103 – معلومات للمشاركين في سياحة المغامرات: توضح المعلومات التي يجب تقديمها للمشاركين لضمان سلامتهم.
  4. ISO 24801 – متطلبات مراكز الغوص الترفيهي: تشمل معايير متطلبات الخدمة والسلامة لمراكز الغوص.
  5. ISO 20611 – السياحة المستدامة – المبادئ والإرشادات للأنشطة الخارجية (Outdoor): تهدف إلى تقديم إرشادات لتعزيز السياحة المستدامة في الأنشطة الخارجية.

هل هناك رياضات سياحية تفتقر لمواصفات قياسية؟

نعم، هناك بعض الرياضات السياحية الناشئة التي قد لا تكون مشمولة بمواصفات قياسية محددة بعد، مثل الأنشطة الرياضية الرقمية أو الرياضية ذات الطابع التكنولوجي، والتي تطورت مؤخرًا. ومع توسع شعبية هذه الأنشطة، يتوقع أن تقوم منظمات التقييس الدولية بإصدار معايير جديدة لضمان السلامة والجودة فيها.

في الختام

تلعب المواصفات القياسية دوراً محورياً في تعزيز جودة الخدمات السياحية ورفع مستوى رضا الزوار، وتأتي جهود المملكة العربية السعودية في هذا السياق كجزء من رؤيتها الطموحة لتحويل السياحة إلى رافد اقتصادي رئيسي. من خلال وضع وتطبيق معايير عالية للجودة، تسعى المملكة إلى تعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية، وتحقيق نمو مستدام للقطاع السياحي يحقق الرخاء الاقتصادي ويحافظ على البيئة والتراث الثقافي.

 

0
0
13 نوفمبر، 2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.